رثــــــــاء - المرحوم محمد العمراني



   لماذا أيتها الحياة لا تدعنا نثق فيك؟ لماذا كل هذا العبث؟ لماذا توقظينا في كل مرة على وقع صدمة؟

   كلما حاولت البداية من جديد وأن أنهض من رمادي أتحطم من جديد كجرة هوت على صخرة، يخيم علي الموت ويلقي علي بظلاله من خلال فقداني صديقي عزيز علي تقاسمنا معه أيام طويلة حتى أصبح شيء ضروري من عالمي، أيام الدراسة بالثانوي،وأيام الدراسة بالجامعة.

    محمد العمراني كان ذلك الشاب الجميل المحب للحياة، يعيش الحياة بطريقته الخاصة،يضع قواعده في الحياة، تقاسمت معه الحلو والمر،كنا دائما على تواصل رغم البعد الجغرافي لكونهه يشتغل بالجهة الشرقية، كان دائما يحكي لي عن أحلامه وعن أماله في الحياة. عن علاقاته العاطفية، وعن أوضاعه الاجتماعية، كنت أحس به متلهف للحياة. يخطط بكل خياله للمستقبل في تحدي للظروف. يريد ان يتزوج أن يعيش حياة سعيدة، لكن وألان سقط من علو شاهق دون سابق إنذار،دون أن يترك لنا رسالة دون أن يعلمنا بالرحيل،إنه رحيل قاس على القلب، إنه معاناة وجودية،لم أنت يا صديقي؟لم تذهب كل أحلامك سدى؟ لم يضيع كل شيء بهذه السهول؟ ما أنت أيتها الحياة؟  

    كلما تلقيت نبأ وفاة أحد الأصدقاء، أصاب بمعاناة وجودية، بقلق، بألم ينخر قلبي من الداخل، أرجع إلى نقطة الصفر. أيعقل أن تكون هذه الحياة بهذه التفاهة والفوضى والعظمة والجمال. لم نحب ونتشبث بك أيتها الحياة؟

    نريد أن نصرخ بكل قوانا نريد أن نحي ., أن نكسر الصمت، العدم، العبث. فنحن نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا.

   كيف أرثيك يا صديقي؟كيف أبكيك؟ هل لهذه الحياة قيمة؟هل لها منطق؟ هل أنت سعيد في عالمك الجديد؟ هل تسمع مناجاتي؟ ألمي اتجاهك؟ فعلا الموت صدمة وجودية يتلقاها الإنسان،وصعقة على وقعها يستفيق من سباته العميق،إنها الحقيقة الوحيدة في هذا الوجود.

     وداعا صديقي، فعلا تركت جرحا عميقا في قلبي، لن أنساه طول ما حييت. لن أنسى ابتسامتك خطواتك، أفكارك تمردك،مزاحك،شجاعتك. ما كنت أعلم أن حياتك ستنتهي هكذا عندما كنا نلعب الكرة، ما كنت هكذا ستنتهي حياتك ونحن نجلس بمدرجات الجامعة، ما كنت أن حياتك ستنتهي هكذا ونحن نتجول في مكناس بساحة الهديم. لم أعرف أنك ستموت وتغادرنا إلى عالمك الأبدي بعدا ساعات فقط بعدما حادثتني هذا الصباح الباكر، هل هذه صدفة أم قصدت ذلك لتودعني ونحن لم نتحدث منذ مدة؟

    كل كلمات العالم لن ترجعك إلينا فوداعنا صديقنا الغالي، الأمس كنت بيننا وألان غادرتنا، مهما أجتهدنا في تفسير الأسباب فتبقى هذه هي الحياة غامضة، تافهة، حقيرة،جميلة،رائعة. فعلا الموت لا يوجع الموتى بل الأحياء. فلترقد روحك بسلام.

   دائما أقول الحياة فقاعة جميلة، يمكن أن تنفجر في كل لحظة....هذه هي الحياة...

Comments