جماعة كلاز تحت رحمة السيول - Galaz Taounate


عزالعرب ابن الحاج




   يبدو أن تكالب السياسيين والظروف الطبيعية القاسية جعلت الجماعة القراوية كلاز التي تتواجد بمدينة تاونات  تموت ببط، ففي الصيف يموت الناس عطشا وفي فصل الشتاء الفيضانات. فأول قطرة غيث تجعل جماعة كلاز تعيش عزلة تامة عن العالم الخارجي بسبب غمر المياه لقنطرة واد امزاز، فتجعل 17000 نسمة معزولة عن العالم الخارجي، مما يؤدي إلى ارتفاع أثمنة المواد الغذائية خصوصا المواد الحيوية، و ثمن قنينات الغاز، وأيضا توقف الدراسة لعدد مهم من التلاميذ خصوصا للذين يقطنون بالمناطق المجاورة لكون القنطرة هي صلة الوصل لهم بالمؤسسات التعليمية (إعدادية كلاز وثانوية العهد الجديد) وتغيب بعض الأساتذة. فهذه القنطرة كما يعلم الجميع هي فقط قنطرة لتصريف الأزمة بعدما انهارت القنطرة الأصلية بتاريخ 29 نونبر2010 أي  مرور ست سنوات على الواقعة ومنذ ذلك الحين والساكنة تعيش الوعود الكاذبة ولا أحد حرك الساكن، فالقنطرة الأولى التي بناها الاستعمار الفرنسي لم تنهار إلا بسبب الاهمال. 



   من يدخل جماعة كلاز كأنه يدخل إلى منطقة منكوبة جراء حرب أو زلزال، يقف على هول التهميش الذي تعانيه المنطقة، فالحفر تتوزع بشكل عشوائي في الطرقات، وركام من الأتربة، وضايات المياه تغمر المكان، فلم تكلف الجماعة نفسها حتى تسريح المياه الراكضة، وملء الحفر التي خلفتها الشركة التي تكلفت بمشروع تهيء قنوات الصرف الصحي.

   سكان جماعة يعيشون القهر من كل الجهات تهميش من طرف المسؤولين لا تطبيب ولا تعليم كما يجب، ولا مشاريع مدرة للدخل، خصوصا و أن اقتصاد المنطقة مبني كله على رحمة الطبيعة من تساقطات، فالسكان يعيشون على ما تجود عليهم الطبيعة، فما زاد تعميق المعاناة تعاقب سنوات الجفاف. ونضوب مصادر المياه في فصل الصيف.




  كلاز هي بلدة جميلة تتواجد على سهل خصب تتوفر فيه كل الظروف لكي تكون قرية نموذجية، يمر بجانبها واد امزاز تحيط بها جبال تزخر بأشجار الزيتون والتين والكرم واللوز والعديد من الأعشاب الطبية النادرة،وغطاء غابوي مهم، فلو كانت هذه القرية الجميلة في دولة أوربية  لكانت جنة الله فوق أرضه، وتم استغلالها أحسن استغلال، فذلك السهل صالح للزراعة من خلال جلب له مياه السقي والنهوض بالمنطقة، لمحاربة الهجرة القروية...



   قدر هذه المنطقة الجميلة جغرافيا والقبيحة سياسيا أن تعاني في صمت، أن تحتضر أمام أعين سكانها المغلوبين على أمرهم وبمرأى من مسؤوليها، فلا شيء يفرح فيها لا بنية تحتية ولا تطبيب ولا تعليم سوى البؤس والمعاناة، فلا سبب هناك للبقاء سوى الرحيل. 

   فإلى متى هذا الصمت الرهيب؟

   وإلى متى هذا النفي المؤسس؟ 

Comments