بن كيران بين سندان التحالفات ومطرقة تشكيل الحكومة

أمل الطراح




 بعد البلوكاج في المشاورات الحكومية، تحولت المواجهة إلى مستوى آخر، تمثل في بحث المسؤولين المباشرين على هذه الازمة، عن منفذ للخروج من المأزق الذي وضعهم فيه فيديو بن كيران الذي فضح فيه كل مجريات المفاوضات الحكومية والسبب الرئيسي للبلوكاج، وهذه المرة كانت المواجهة بإفتاء بعض أشباه الخبراء والباحثين بإمكانية خرق الدستور المغربي مع تبرير الأمر بأوهام قانونية، لكون الدستور لم يحدد كيفية وشروط ومنهجية ومحددات تشكيل الحكومة، إلا نقطة تعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز بالانتخابات، علما أن هؤلاء، هم الذين اتهموا بن كيران بتنازله عن الدستور لصالح المؤسسة الملكية . يتعلق هذا الخرق الدستوري بأرجحية تعيين رئيس حكومة آخر، سواء من حزب العدالة والتنمية أو حزب آخر، تفاديا للكلفة السياسية والمالية لإعادة الانتخابات، الأمر الذي رفضه كل قادة وقواعد البيجيدي، وكبار الخبراء وبعض السياسيين والمراقبين باختلاف مذهبياتهم. وقد ذهبت أستاذة تدعي الخبرة الدستورية لاقتراح عزيز أخنوش كرئيس للحكومة بحكم توفره على أكبر تحالف، في دوس تام على المقتضيات الدستورية وتجاهل مفضوح لأساسيات العمل السياسي وتغاضي مشبوه لأبجديات الديمقراطية.




ورغم التوجيه السامي لجلالة الملك الذي دعا إلى تكوين حكومة "جادة ومسؤولة"، وبعيدة عن منطق "تقسيم الغنيمة الانتخابية"، فإن حزب لشكر يصر على تقسيم الغنيمة باشتراط حصول حزبه على رئاسة مجلس النواب ومعرفة حقه في التشكيلة الحكومية قبل الموافقة، والسنبلة والحمائم تشترطان خروج حزب الاستقلال، وهو ما رفضه للمرة الثانية رئيس الحكومة ورفض معه كل أشكال الابتزاز والالتفاف على إرادة المواطنين.
وقد عرفت الساحة السياسية المغربية مؤخرا توترا حادا، بسبب تعثر مشاورات تشكيل الحكومة، أو بلفظ آخر "بلوكاج تشكيل الحكومة" كما جاء على لسان مجموعة من السياسيين والمحللين والمتابعين للشأن العام، السبب الرئيسي لهذا "البلوكاج المفتعل"، هو رفض حزب التجمع الوطني للأحرار، في شخص أمينه العام الجديد عزيز أخنوش، للتحالف مع حزب الاستقلال، واقتراح ضم حزب الاتحاد الدستوري بدله، الأمر الذي لم يستسغه رئيس الحكومة واعتبره ابتزازا مرفوضا. وحسب الاستاذ عبد الاله بن كيران وجريدة العلم، فإن هذا الاقصاء مرده إلى رفض حميد شباط المشاركة والمساهمة في مؤامرة 8 أكتوبر للانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية التي برمجت في لقاء دعا إليه إلياس العماري وجمع إدريس لشكر وصلاح الدين مزوار، بالإضافة إلى حميد شباط الذي أفشل هذه المحاولة الانقلابية البئيسة، والتي كانت تقضي برفع مذكرة إلى الملك، تعبر فيها هذه الأحزاب المجتمعة، عن رفضها التحالف مع حزب العدالة والتنمية في أي حكومة، إضافة إلى توزيع المهام من رئاسة مجلس النواب والتشكيلة الحكومية. علاوة على هذا السياق المتوتر، هناك مواقف عقدت المشاورات أكثر، وأدت إلى ظهور بوادر أزمة سياسية وطنية، تمثلت أساسا في تغيير امحند لعنصر لموقفه ب 180 درجة من التحالف مع حزب العدالة والتنمية، وربط مصير حزب الحركة الشعبية بقرار الأحرار. نفس الموقف اتخذه ادريس لشكر، ولكن بغموض والتواء أكثر وتناقض تام مع مضامين بلاغ اللجنة الإدارية لحزب الاتحاد الاشتراكي، علما أن لشكر كان قد طلب عدم انتظار الاحرار في التحالف الحكومي. هذه المواقف المخجلة وغير المبررة، أعادت النقاش والتساؤل حول ما مدى استقلالية القرارات السياسية لبعض الأحزاب المغربية بعد دستور 2011؟



Comments